حكيمي: الأسد الذي لم يُتوج.. قصة ظلم في حفل الكرة الذهبية

حكيمي: الأسد الذي لم يُتوج.. قصة ظلم في حفل الكرة الذهبية
حرية بريس/ عبدالله حفري
في ليلة باريسية مليئة بالأضواء والتوقعات، أعلنت مجلة “فرانس فوتبول” عن فائزها بالكرة الذهبية لعام 2025: الفرنسي أوسمان ديمبيلي، نجم باريس سان جيرمان؛ لكن وسط التصفيق والابتسامات، كان هناك صمت مدوي من جانب الجماهير المغربية، التي رأت في هذا التتويج صفعة أخرى لأحد أبنائها الأبرز، أشرف حكيمي.
المركز السادس الذي احتله حكيمي لم يكن مجرد ترتيب رقمي؛ بل رمز لظلم يتجاوز حدود الملاعب، يمس جذور التحيزات الإعلامية والثقافية في عالم كرة القدم، فكيف تحول هذا الظهير الأيمن، الذي قاد المغرب إلى إنجازات تاريخية، إلى ضحية لـ”ألاعيب” تبدو وكأنها مخططة بعناية؟.
أشرف حكيمي رمز للإصرار والتفوق الإفريقي، ففي موسم 2024-2025، قدم حكيمي أداءً استثنائيا مع باريس سان جيرمان، حيث ساهم في فوز الفريق بدوري أبطال أوروبا، الدوري الفرنسي، كأس فرنسا، كأس السوبر الفرنسي، وكأس السوبر الأوروبي، والوصول إلى نصف نهائي كأس العالم للأندية، أرقامه تتحدث عن نفسها: 11 هدفا و17 تمريرة حاسمة في 69 مباراة، بالإضافة إلى مساهمته الدفاعية التي جعلته أحد أفضل الأظهرة في العالم، أما على المستوى الدولي، فقد قاد “أسود الأطلس” إلى نصف نهائي كأس العالم 2022 في قطر، كأول إنجاز من نوعه لمنتخب إفريقي وعربي، ثم إلى الميدالية البرونزية في أولمبياد باريس 2024.
هذه الإنجازات ليست عابرة؛ إنها مزيج من المهارة الفنية والقيادة الروحية، حكيمي، البالغ من العمر 26 عاما فقط، تم اختياره في تشكيلة الموسم لدوري أبطال أوروبا وللدوري الفرنسي، وفاز بجائزة لاعب الشهر في باريس سان جيرمان ثلاث مرات، وفي تصويت الجماهير للكرة الذهبية، احتل المركز الثاني بنسبة 23.4%، متفوقا على نجوم عالميين مثل كيليان مبابي وإيرلينغ هالاند؛ لكن في قرار الصحفيين – الذين يشكلون لجنة التصويت – جاء سادسا، خلف ديمبيلي، لامين يامال، فيتينيا، محمد صلاح، ورافينيا، هذا الترتيب أثار تساؤلات عميقة: هل المعايير تعتمد على الأداء الحقيقي، أم على الشعبية الإعلامية والتحيز للاعبين الهجوميين؟
ولم يكن المركز السادس مجرد خيبة أمل؛ بل أصبح رمزاً لفقدان الكرة الذهبية مصداقيتها في أعين المغاربة ومعهم الكثيرون، تاريخياً، تميل الجائزة إلى تفضيل المهاجمين أو صانعي الألعاب، تاركة المدافعين والأظهرة في الظل، وآخر مدافع فاز بها كان فابيو كانافارو عام 2006، وهو استثناء نادر؛ أما حكيمي، الذي يجمع بين الدفاع الصلب والهجوم الجريء، فقد وقع ضحية هذا التحيز، رغم تفوقه على مبابي (السابع) وغيرهم.
أضف إلى ذلك مقاطعة نادي ريال مدريد للحفل للسنة الثانية على التوالي، معتبرا أن الجائزة غير عادلة وتتأثر بعوامل خارجية، كريستيانو رونالدو نفسه سبق أن وصفها بـ”فاقدة المصداقية” بعد فوز ميسي عام 2023، وبالنسبة للمغاربة، أصبحت الكرة الذهبية مجرد “عرض إعلامي” يغلب عليه التحيز الأوروبي، خاصة مع عدم فوز لاعب إفريقي منذ جورج ويا عام 1995، كما أن الجماهير المغربية عبرت عن غضبها عبر وسائل التواصل، مطالبة بإعادة النظر في نظام التصويت الذي يعتمد على 100 صحفي، غالبا ما يكونون منحازين لدورياتهم أو جنسياتهم.
وما يزيد الطين بلة هو الشعور السائد بين المغاربة بأن هناك “نوايا فرنسية” لإزاحة حكيمي عن المنافسة، فقبل أيام قليلة من الحفل، أعادت السلطات الفرنسية فتح ملف قضية قانونية قديمة تعود إلى 2023، حيث طلب المدعي العام محاكمة حكيمي بتهمة شخصية، رغم نفيه الشديد لها وظهور تقارير تشير إلى محاولات ابتزاز محتملة، كما أن الإعلام الفرنسي، الذي ركز على ديمبيلي كمرشح أول، تجاهل إلى حد كبير إنجازات حكيمي، كما حدث مع قناة beIN Sports التي استبعدته من مناقشاتها حول الجائزة، مفضلة التركيز على صلاح، يامال، وديمبيلي.
وتصريحات حكيمي الواثقة قبل الحفل، حيث أكد استحقاقه للكرة الذهبية أكثر من أي مهاجم، قوبلت بردود فعل سلبية في الإعلام الفرنسي، الذي صورها كـ”غرور”. حتى باريس سان جيرمان حاول منع نشرها، مما أثار شكوكا حول علاقته بالنادي، هذه الأحداث جعلت المغاربة يرون فيها “مخططاً” لتشويه صورة حكيمي، خاصة مع تسريبات إعلامية روجت لديمبيلي كفائز محتمل، فهل هي مصادفة أن يتم إحياء ملف قديم قبل أسابيع من الجائزة؟ أم أنها جزء من تحيز أعمق ضد اللاعبين الإفريقيين في أوروبا؟
رغم كل ذلك، يبقى أشرف حكيمي البطل المتوج في قلوب المغاربة، وحملات الدعم على وسائل التواصل، مثل هاشتاغ #HakimiBallonDor، أظهرت أن شعبيته تتجاوز الجوائز الرسمية، إنه ابن المغرب الذي رفع راية القارة الإفريقية عاليا، محطما حواجز التمييز، والإحباط من الكرة الذهبية لم يقلل من قيمته؛ بل عززه، فهو الذي قاد “أسود الأطلس” إلى أحلام لم تكن ممكنة.
في النهاية، قد تكون الكرة الذهبية مجرد كرة معدنية، لكن حكيمي هو الأسد الحقيقي الذي يستمر في الركض نحو المجد، وربما حان الوقت لإصلاح معايير الجائزة، أو ربما للمغاربة أن يركزوا على جوائزهم الخاصة، مثل الكرة الذهبية الإفريقية؛ أما حكيمي، فمستقبله مشرق، وقلوب ملايين تتوجه نحوه كل يوم، ففي عالم كرة القدم، الجوائز الحقيقية هي تلك التي يمنحها الشعب، لا اللجان.


شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...