القفزة الكروية للمغرب.. من أكاديمية محمد السادس إلى غزو أوروبا وتطلعات جماهيرية تحمل أحلاما عالمية

حرية بريس/ عبدالله حفري

في موسم دوري أبطال أوروبا 2025-2026 الذي انطلق مؤخراً، يبرز المغرب كقوة أفريقية لا تُضاهى، مع مشاركة 17 لاعبا مغربياً في البطولة الأعلى في القارة العجوز، متفوقا على نيجيريا (12 لاعبا) والسنغال (8 لاعبين)، من أصل 69 لاعبا أفريقيا إجمالا.

هذا الرقم شهادة على “القفزة الكروية” التي شهدتها كرة القدم المغربية خلال العقد الماضي، حيث تحولت من فريق أفريقي قوي إلى مصنع للنجوم العالميين الذين يقودون أندية عملاقة مثل ريال مدريد، باريس سان جيرمان، وغلطة سراي، كما أن هذه القفزة ليست صدفة؛ بل نتاج رؤية استراتيجية مدعومة من الملك محمد السادس، وجهود رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم فوزي لقجع، بالإضافة إلى دور حاسم لأكاديمية محمد السادس لكرة القدم، وفي خضم هذا النجاح، تتردد أصوات الجماهير المغربية بتطلعات كبيرة، تحلم بمزيد من الألقاب العالمية.

وقد بدأت القفزة الكروية المغربية بشكل ملحوظ مع إنجاز “أسود الأطلس” في كأس العالم 2022، حيث وصلوا إلى نصف النهائي لأول مرة في تاريخ أفريقيا؛ لكن هذا كان مجرد البداية. في موسم 2024-2025، برز لاعبون مغاربة في النهائيات الأوروبية الكبرى، مثل أشرف حكيمي الذي قاد فريقه باريس سان جيرمان بالتتويج بلقب الدوري الفرنسي لكرة القدم، بطل كأس فرنسا، وبطل السوبر الفرنسي، بطل دوري الأبطال لأول مرة في تاريخه ونصف نهائي كأس العالم للأندية وكذلك فوز نصير مزراوي بالدوري الأوروبي مع مانشستر يونايتد، وعبد الصمد الزلزولي بدوري المؤتمر الأوروبي مع ريال بيتيس، إضافة إلى اللاعب أمين عدلى الفائز مع فريق ليفركوزن بالدوري الألماني و….

واليوم، مع توسع دوري أبطال أوروبا إلى 36 فريقا، أصبح المغرب الأمة الأفريقية الأكثر تمثيلا، مع لاعبين يلعبون أدوارا محورية في أنديتهم الأوروبية، حيث أصبح التركيز على اللاعبين المغاربة، مما يعكس أن اللاعب المغربي أصبح خياراً مفضلا للأندية الأوروبية بفضل الالتزام، السرعة، والذكاء التكتيكي.

وفي قلب هذه القفزة تقع أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، التي أسسها الملك محمد السادس عام 2009 في ضواحي الرباط (سلا الجديدة)، هذه الأكاديمية ليست مجرد مرفق رياضي، بل نظام تعليمي-رياضي متكامل يجمع بين التدريب المكثف والتعليم المدرسي، ويستوعب حوالي 300 شاب سنويا بين 13 و18 عاما.

ويتجلى دور الأكاديمية الحاسم في إنتاج نجوم مثل عزالدين أوناحي، يوسف النصيري، ونايف أكراد…وآخرون، هؤلا ساهمت الأكاديمية في إلحاقهم بالمنتخب الأول، مما عزز من قوة المنتخب الوطني، وبهم أصبحت الأكاديمية نموذجا عالميا يُدرس في FIFA كمثال على الاستثمار في الشباب.

ويعتبر جلالة الملك الملك محمد السادس، “مهندس” هذه النهضة الكروية، وزياراته المتكررة إلى الأكاديمية هي جزء من رؤية أوسع لبناء “مركز كرة قدم عالمي” في المغرب، خاصة مع استضافة كأس أمم أفريقيا 2025 وكأس العالم 2030، وتعد اليوم الأكاديمية مصدرا لأكثر من 50% من اللاعبين المغاربة في الدوريات الأوروبية، مما يؤكد دورها في تحويل الطاقة الشابة إلى إنجازات دولية.

ولا يمكن الحديث عن هذه القفزة دون ذكر فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم (FRMF) منذ 2014، والذي أعيد انتخابه بالإجماع، لقجع الاستراتيجي الذي وُصف بـ”مهندس النهضة الكروية”، حقق إنجازات مذهلة في 2025، بما في ذلك انتخابه نائباً أول لرئيس الاتحاد الأفريقي لكرة القدم (CAF) في أبريل، وإعادة انتخابه في مجلس إدارة الاتحاد العربي لكرة القدم (UAFA) في سبتمبر، وتحت قيادته نجح المغرب في استضافة أكبر الفعاليات، مثل خمس نسخ متتالية من كأس العالم للسيدات تحت 17 عاما، وكأس أمم أفريقيا 2025 التي ستقام في ست مدن وتسعة ملاعب.

وطموح لقجع لم يقف هنا؛ بل أعلن طموحه بفوز المغرب بلقب أفريقي ثانٍ بعد 1976، معتمدا على نجوم مثل حكيمي ومزراوي وامرابط واوناحي ودياز وجميع مكونات المنتخب، وأكد في مقابلة مع beIN Sports أن “المغرب أصبح مركزاً عالميا لكرة القدم”،

كما أشاد به رئيس FIFA جياني إنفانتينو، وبإنجازاته التي شملت تطوير البنية التحتية، وتركيزة على البطولة النسويةوكذا الشباب، مما جعل الكرة المغربية متعددة الأبعاد.

وفي جميع المدن المغربية من طنجة إلى الكويرة، تتردد أصوات الجماهير المغربية بحماس يفوق الوصف، بعد نجاح كأس العالم 2022 الذي جمع الملايين أمام الشاشات، أصبحت التطلعات أكبر: الفوز بكأس أمم أفريقيا 2025، والوصول إلى نهائي كأس العالم 2030 (الذي يستضيفه المغرب مع إسبانيا والبرتغال)، وتتويج اللاعب المغربي أشرف حكيمي بالكرة الذهبية.

وعلى منصات وسائل التواصل الاجتماعي، يتحدث المشجعون عن “عصر الأسود”، مع أمل في أن يصبح المنتخب الوطني قوة عالمية دائمة، مستوحين من نجاحات اللاعبين في أوروبا، كما الجماهير ترى في هذه القفزة فرصة لتعزيز الهوية الوطنية، خاصة مع انتشار اللاعبين المغاربة في أوروبا والخليج، الذين يُشاهدون بفخر كل مباراة، كما يطالبون بمزيد من الاستثمار في الدوري المحلي لجعله أكثر جاذبية، والثقة عالية: “المغرب ليس مجرد مشارك؛ بل منافس للألقاب”، كما يقول أحد المشجعين البارزين.

إن القفزة الكروية للمغرب بناء استراتيجي مدعوم برؤية الملك محمد السادس، قيادة فوزي لقجع، ودور أكاديمية محمد السادس كمصنع للمواهب، ومع 17 لاعبا في دوري أبطال أوروبا 2025-2026 وتطلعات جماهيرية تحمل أحلاماً عالمية، يبدو أن المغرب على أعتاب عصر ذهبي جديد.

فهل سيكون 2025 عام التتويج الأفريقي، و2030 عام الفوز العالمي؟ الإجابة تكمن في الملاعب، والطريق واضح والأمل كبير.


شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...