محاضرة طريق الوحدة بتاونات…حين يتحول التاريخ إلى دروس في المواطنة والتطوع

حرية بريس

شهد فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بمدينة تاونات،  المنصرم ، لقاءً فكرياً مميزاً نظمته النيابة الإقليمية للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، تمثل في محاضرة علمية بعنوان “طريق الوحدة: الأهداف والتحديات”، ألقاها الأستاذ والباحث في تاريخ المغرب محمد أمقران حمداوي، وسط حضور تربوي وتلميذي لافت.

اللقاء افتُتح بكلمة للنائبة الإقليمية للمندوبية، استحضرت فيها أهمية هذا النوع من الأنشطة في ربط الأجيال الصاعدة بجذورهم التاريخية، معتبرة أن تثبيت الذاكرة الوطنية لدى التلاميذ أمر ضروري لتعزيز روح الانتماء والمواطنة. وأشارت إلى أن فضاء الذاكرة بتاونات لا يضم فقط أرشيفا تاريخيا غنيا، بل يشكل أيضاً منصة حيوية لنشر القيم الوطنية والإنسانية.

في محاضرته، عاد الأستاذ محمد أمقران حمداوي بالجمهور إلى واحدة من أهم المحطات الوطنية في تاريخ المغرب المعاصر، وهي مشروع “طريق الوحدة”، الذي انطلقت أشغاله سنة 1957 بمبادرة من الملك الراحل محمد الخامس، وبدعم تنظيمي وفكري من القيادي الراحل المهدي بن بركة. وبيّن أن المشروع لم يكن مجرد طريق يربط بين شمال البلاد وجنوبها، بل تجربة جماعية عمّقت الإحساس بالانتماء والوحدة، وفتحت المجال أمام شباب تلك المرحلة لخوض تجربة تطوعية غير مسبوقة.

وتوقف المحاضر عند عدة محاور، من أبرزها الخلفيات السياسية والاقتصادية وراء إطلاق المشروع، والتنوع المجتمعي الذي ميز المشاركين فيه، حيث التقى مناضلو حزب الاستقلال مع رفاقهم في حزب الشورى والاستقلال، وانضم إليهم مواطنون يهود في صورة مغربية تجسد الانسجام الوطني.

كما نوّه الأستاذ حمداوي بدور ولي العهد آنذاك، الحسن الثاني، في تتبع المشروع والإشراف على مراحله، إلى جانب جهود المهدي بن بركة في تعبئة آلاف المتطوعين، مؤكدا أن تجربة “طريق الوحدة” كانت مختبرا حقيقيا لقيم التضحية والتكافل والإرادة الوطنية.

بدوره، دعا الأستاذ فيصل الغماري التلاميذ إلى الإقبال على قراءة القصص، لا باعتبارها وسيلة للترفيه فحسب، بل كمصدر حيوي للمعرفة وبناء الشخصية، خاصة تلك التي تغوص في عمق التاريخ المغربي وتبرز تضحيات الأجداد.

وقد تميز اللقاء بتفاعل مثمر من طرف تلاميذ إعدادية النهضة، الذين أبدوا اهتماما كبيرا، وطرحوا أسئلة تنمّ عن وعي وفضول معرفي، ما أضفى على المحاضرة طابعاً حيوياً ونقاشاً مثمراً.

في ختام النشاط، التُقطت صور تذكارية جماعية، عكست روح الانسجام بين المؤطرين والتلاميذ، وسط إشادة عامة بحسن التنظيم والأثر الإيجابي لمثل هذه المبادرات في ربط الماضي بالحاضر، وزرع بذور المواطنة الحقة في نفوس الجيل الجديد.

كريم باجو – تاونات


شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...