أحجية وطني

رباب العاجي

تمر السنوات علينا يطلق رصاص الإنتظار، سنعود للوطن المغربي ذات نهار،،

أوراق عدة من الوطن إحترقت، لعبة الوطن واقفة و نحن دائخون بفك أحجية الوطن، و الأحجية تبحث عن مفتاح

مررارة الإشتياق للوطن ، كلمة وطني أجزم أن الفؤاد يرتعش لسماعها مهما كانت و بأي وطن كانت

فرائحة التراب بعد المطر، رائحة الشاي بالنعناع بعد صلاة العصر، أصوات الأطفال بالأزقة بعد فرج قيلولة يعتبرونها إعداما للطفولة، دفئ العائلة، طاولة دائرية، خبز تفوح منه رائحة الحطب، زيارات الأهل، لقائات الصدفة بسوق الخضر، حديث جيران يشرح الصدر، خطوبات أعراس، عقائق، مواسم، تلك هي حلاوة الوطن

فالوطن أحجية رويت بألسنة أجدادنا على مسامع طفولتنا، بالوطن ركضنا بالأزقة دون خوف من رصاص الأعين و قنابل المتسلطين، بالوطن عاهدنا أصدقاء الطفولة أحببنا بعضنا مارسنا طقوس الجنون و اللاعقلانية دون رعب، بالوطن طرقنا أبواب عدة كل باب يفتح كأنه أمل يخبرنا بصمت أننا قلب واحد، بالوطن حملنا قفف الخضر مدا للمساعدة بكل بهجة، بالوطن دمعت أعيننا على موت طائر بالحي و جرح قط بالحي المجاور، بالوطن صرخنا بأعلى صوتنا أيقظنا كل من حولنا أرعبنا الكل و الكل يحبنا، بالوطن بكينا رحيل جار و مرض صديق و خوف عابر سبيل ويتم سائل مسكين، بالوطن عانقنا والدينا أخبرناهم دون حرج أننا نحبهم بحضن واحد وضعنا بقلبهم يقينا أنهم أغلى ما نملك،،،،،،،

لكننا كبرنا تغيرنا و تغير الوطن، و أصبحت تغرينا تفاهات الحياة حتى تصبح عالما فوضويا لدينا يغنينا عن مصباح الحقيقة ذاك الذي أشعل ألف طريق للخروج من دوامة الظلام و جعلها تنير الدروب أمامنا بعقلانية و منطقية، لكننا فوضويون و متمردون على سطور حقيقة الواقع التي انتعلت كل الأفكار السوداوية بلحظة واحدة، فإنتعلنا الغضب بصمت متأصلة به حب الذات بطريقة نرجسية معدومة تلهينا فتحذف منا ما يسمى أخلاق وطن ،،،

فقديما عشقناك طوعا وقسرا يا وطن ، تغنينا بلحنك التليد ، مجدناك وَتَرا في نفوسنا وأبينا أن نبغي لك البديل ، زرعناك غرسا في دمائنا وسقيناك حلما وآمالا وأشواقا، حملناك في طيات الذاكرة جُبنا بك بلادا وديارا تارة تلفظنا فنتشبث بذيل إزارها وتارة تحتضن فينا الفكر وتنثر ما اعتور.

كنا نردد سرا كل قول يُبقيك فينا حاضرا وإن غبت عن نواظرنا سنين

ـبلادي وإن جارت عليّ عزيزة وأهلي وإن ضنوا علي كرام ـ

فلماذا يا وطن؟ لماذا تبعثر أبناءك وأنت الملاذ، لماذا تقسم أجزاءك وأنت المآل ، لماذا تجبرنا على جرع كؤوس الهوان وزاخر أنت بصنوف من الخيرات ، لماذا ترضى لنا الفتات وتغدق على الغير بكثير الزاد . لماذا صرت تسعد بتنكيس رؤوس أبنائك وإذلالهم وموقن أنت بداخل كل منهم مارد جبار …..لماذا ولماذا و لماذا ؟

لماذا نريدك رأسنا المرفوع و بالقهر تحني رؤوسنا، نريدك حاضرا مسموع و بالصمت تطفئ أصواتنا، ألست بنا وطنا و نحن بك الوطن، ألسنا شوارعك القديمة و تاريخك الأخضر، لماذا نفر إليك فتمنحنا للخذلان قهرًا و غدرًا فقرًا و أنانية مطلقة، لماذا ؟؟؟؟ و لماذا ؟و لماذا ؟؟؟؟؟؟؟

لكن، كلنا مسؤولون، أنت و نحن مدانين، أنت بخيل و نحن أنانيون يا وطن، فحبك يا وطن لا يترجم بحسب الهوى والمصالح الشخصية والذاتية، فليس من حب الوطن معادة الوطن وأهله، وليس من حب الوطن نهب خيراته وأمواله، وليس من حب الوطن العمل على الفرقة بين أبنائه وغرس ونشر ثقافة الكراهية والحقد والبغضاء والمناطقية والمذهبية بينهم، وليس من حب الوطن أن نبتز الوطن من أجل مصالح أنانية أو ذاتية، وليس من حب الوطن الاستقواء بالخارج، أو التهديد باستخدامه، وليس من حب الوطن التهديد بالانفصال وفك عرى وحدته.

فنحن رغم الأالم و الأسى نحبك، فالإيمان علمنا بأن الحب للأوطان و أن الوطن إيمان و إحسان و كبرياء يزهو به الإنسان، لهذا نحبك و لهذا سنبنيك مهما تكون ، ستعلو و تعلو و إن كان هذا العلو علوًا على جثمان أرواحنا،

حتما سنعود


شاهد أيضا
تعليقات الزوار
Loading...